تعتبر القهوة ثاني أكثر المشروبات استهلاكًا عالميًا بعد الماء، لكنها الآن تواجه أزمة مناخية قد تؤثر بشكل كبير على توفرها في المستقبل. قهوة أرابيكا، التي تمثل 70% من الإنتاج العالمي، أصبحت مهددة بفعل التغيرات المناخية، ويتوقع أن تختفي تقريبًا خلال الستين عامًا القادمة. مع تراجع الأراضي الصالحة لزراعة البن، والتي تشكل “حزام البن” بين المناطق الاستوائية، تشير التوقعات إلى احتمال تقلص هذه المساحات إلى النصف بحلول عام 2050.
كيف استجابت نستله للأزمة بتطوير صنف مبتكر؟
في مواجهة هذا التهديد، عملت شركة نستله على تطوير صنف جديد من القهوة يدعى “ستار 4″، يتميز بقدرته على مقاومة الظروف المناخية القاسية وصدأ أوراق البن، وهو مرض شائع يصيب القهوة ويقلل من جودتها. تجارب نستله الميدانية أكدت أن “ستار 4” يتمتع بإنتاجية عالية مقارنة بالأصناف المحلية في البرازيل، مما يعني تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق نتائج أفضل مع نفس الموارد، ويأتي هذا الإنجاز كجزء من استراتيجية نستله نحو زراعة مستدامة.
خطة نستله 2030 لزراعة قهوة مستدامة
تتماشى هذه الجهود مع خطة نسكافيه 2030، والتي تهدف إلى خفض انبعاثات القهوة بمقدار النصف بحلول عام 2030. وتطمح نستله إلى توريد 50% من محاصيل القهوة من خلال ممارسات الزراعة المتجددة، حيث يسهم هذا التوجه في تقليل تأثير زراعة القهوة على البيئة، مما يجعل إنتاجها أكثر استدامة ويحد من تقلبات الأسعار.
تقنيات الزراعة المستدامة وتطوير ممارسات جديدة
يرى مارسيلو بوريتي، رئيس تطوير القهوة الخضراء في نستله، أن تحسين ممارسات الزراعة هو العامل الأكثر تأثيرًا في تقليل البصمة البيئية لفنجان القهوة. ويعد صنف “ستار 4” مثالًا على استخدام الابتكار الزراعي لتحقيق إنتاجية عالية وانبعاثات أقل، وهو توجه من شأنه أن يساهم في تأمين إمدادات القهوة وضمان استدامتها.
شركات أخرى تسير في نفس الاتجاه
كما هو الحال مع نستله، تبذل ستاربكس جهودًا مماثلة، حيث أعلنت العام الماضي عن تطوير ستة أنواع جديدة من البن العربي المقاوم للمناخ، وتسعى من خلالها إلى خفض الانبعاثات الكربونية وتوفير موارد مستدامة للمزارعين. وعلق إليوت بنتزن، مدير التجارة في ستاربكس، بأن التغير المناخي قضية جوهرية، ويتعين على جميع شركات القهوة التعاون لضمان استمرارية الإنتاج.
ما الذي يعنيه هذا الابتكار لمستقبل القهوة؟
اختبرت نستله صنف “ستار 4” في مناطق زراعية مثل ساو باولو وميناس جيرايس بالشراكة مع مؤسسة بروكافيه البرازيلية، ويأمل أن يتم تعميمه على المزارعين قريبًا. هذا الصنف ليس الأول؛ فقد سبق أن طورت نستله نوعين من قهوة روبوستا، هما “روبي 1” و”روبي 2″، ويجري طرحهما حاليًا في المكسيك، مما يشير إلى توجه الشركة المتواصل نحو ابتكار أصناف قهوة أكثر مقاومة واستدامة.
هذه الجهود تمثل خطوات حيوية نحو تأمين مستقبل القهوة، خاصة في ظل التحديات المناخية المتزايدة. بات من الواضح أن مستقبل القهوة يعتمد على الابتكار الزراعي وتطوير أصناف جديدة تستطيع الصمود في ظل التغيرات البيئية، ويعد صنف “ستار 4” من نستله نموذجًا يُحتذى به في مواجهة الأزمة المناخية العالمية.
اترك تعليقاً