في خطوة مفاجئة، فرضت الولايات المتحدة في أبريل 2025 تعريفات جمركية جديدة على واردات القهوة من عدة دول رئيسية في سلسلة الإمداد العالمية. جاءت هذه الإجراءات في إطار ما يسمى بسياسة “التعرفة بالمثل”، والتي شملت دولًا مثل فيتنام، كولومبيا، إثيوبيا والبرازيل، بنسب تراوحت ما بين 10% و47%.
ورغم توقعات كثير من المحللين بحدوث ارتفاع حاد في أسعار القهوة نتيجة هذه الرسوم، فإن الواقع في السوق العالمية كان مختلفًا. شهدت الأسعار تراجعًا مفاجئًا، مما يثير تساؤلات جوهرية حول من يتحمل الكلفة الحقيقية لهذه الإجراءات، وما مستقبل سوق القهوة في ظل التغيرات الجيوسياسية والتجارية.
الرسوم الأمريكية الجديدة: تفاصيلها وتأثيرها المباشر
اعتمدت الإدارة الأمريكية نظامًا جديدًا من التعريفات يهدف إلى تقليص العجز التجاري وتعزيز الإنتاج المحلي. شملت السياسة ثلاث مستويات:
Baseline Tariff: نسبة موحدة تبلغ 10% لجميع واردات القهوة.
Reciprocal Tariff: نسب متغيرة (11% – 47%) حسب تعامل الدول مع الولايات المتحدة تجاريًا.
Pre-Levy: نسبة ثابتة بنسبة 25% على بعض الدول المُصنفة كمنافسين تجاريين رئيسيين.
شملت هذه الإجراءات أكثر من 10 دول مصدّرة للبن، وعلى رأسها فيتنام، التي تواجه أعلى تعريفة بنسبة 46%، تليها كولومبيا (47%)، ثم إندونيسيا، إثيوبيا والبرازيل.
هل ارتفعت أسعار القهوة كما كان متوقعًا؟
الإجابة: لا، بل انخفضت الأسعار عالميًا في أعقاب فرض الرسوم.
وفقًا لبيانات منظمة القهوة الدولية (ICO)، سجل متوسط مؤشر أسعار القهوة المركب في مارس 2025 انخفاضًا بنسبة 1.8% مقارنة بشهر فبراير، رغم استمرار الأسعار في مستويات مرتفعة مقارنة بالعام الماضي (+86.6%) .
كما أظهرت بيانات Bloomberg وTrading Economics أن العقود الآجلة لحبوب الأرابيكا انخفضت إلى ما دون 3.40 دولار للرطل – وهو أدنى مستوى منذ يناير 2025، أي قبل تطبيق القرار .
لماذا انخفضت الأسعار رغم الرسوم؟
- عمليات بيع استباقية من المصدرين
الدول المتضررة من الرسوم، خصوصًا فيتنام وكولومبيا، سارعت إلى تصدير كميات كبيرة قبل دخول التعريفات حيز التنفيذ. هذا التدفق السريع للمعروض أدى إلى تخمة قصيرة الأجل في السوق العالمية. - تباطؤ الاستهلاك في الأسواق الكبرى
تشير تقارير CNBC إلى أن معدلات الطلب في الولايات المتحدة وأوروبا تأثرت بتقلبات اقتصادية، خصوصًا مع تراجع ثقة المستهلكين. هذا بدوره خفّف من الضغط على الأسعار، على الرغم من محدودية الإمداد. - تأثير سلاسل الإمداد البديلة
بدأ عدد من الشركات الكبرى في إعادة توجيه سلاسل التوريد نحو أسواق أكثر مرونة، مثل أوروبا والشرق الأوسط، مما قلّل الضغط الفوري على السوق الأمريكي.
التأثيرات المتوقعة خلال الأشهر القادمة
رغم الانخفاض الحالي، يتوقع المحللون أن تبدأ الأسعار بالارتفاع تدريجيًا خلال الأشهر القادمة، وذلك بناءً على:
ارتفاع تكلفة الشحن والاستيراد نتيجة الرسوم.
انخفاض تدريجي في المخزون العالمي المعتمد.
عودة التوازن في الطلب بعد مرحلة التصحيح.
بحسب تقرير CNN، فإن المستهلك الأمريكي سيبدأ في الشعور بالارتفاع خلال فترة تتراوح بين 14 و90 يومًا من تاريخ تطبيق القرار، حيث ستمر التكاليف تدريجيًا إلى أسعار التجزئة .
استنتاج
السياسات الحمائية التي تنتهجها بعض الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة، لا تُترجم دائمًا إلى ارتفاع فوري في الأسعار كما يُشاع. فالسوق العالمي للقهوة أكثر تعقيدًا، ويخضع لتوازنات دقيقة بين العرض والطلب، والمخزونات، وسلوك المستهلكين، والقرارات الجيوسياسية.
ما حدث بعد فرض التعريفات الجمركية على القهوة في 2025 هو دليل على مرونة السوق على المدى القصير، ولكنه أيضًا تنبيه لمخاطر قادمة على المدى المتوسط والبعيد. فإذا استمرت السياسات الجمركية على هذا النحو، فإن الأسواق ستحتاج إلى التكيف بطرق مبتكرة – سواء عبر سلاسل إمداد بديلة، أو تنويع مصادر الإنتاج، أو رفع كفاءة التوزيع.
المصادر
International Coffee Organization – Coffee Market Report, March 2025
https://www.ico.org/documents/cy2024-25/cmr-0325-e.pdf
Bloomberg – Coffee Prices Drop Despite Tariff Shock
https://www.bloomberg.com
CNN Arabic – “Tariffs Will Make Your Coffee More Expensive—Eventually”, April 2025
https://arabic.cnn.com
Trading Economics – Coffee Futures Data, April 2025
https://tradingeconomics.com
اليوم السابع – تباين في أسعار القهوة بالدول المنتجة، أبريل 2025
https://www.youm7.com
اترك تعليقاً